يقف المستثمرون في عالم الاستثمار المتنوع، أمام خيارات متعددة تتفاوت في درجات الأمان والعائد، ومن بين هذه الخيارات تبرز السندات وأذون الخزانة كأدوات مالية أساسية تلعب دورًا مهمًا في بناء المحافظ الاستثمارية. لكن، كيف يمكن تمييز الفرق بين السندات وأذون الخزانة؟ وما الذي يجعل كل منهما مناسبًا لفئة معينة من المستثمرين؟
في هذا المقال، نأخذك في رحلة مبسطة لفهم الفرق بين السندات وأذون الخزانة بشكل معمق، وتسليط الضوء على مزايا وعيوب كل منهما، وكيفية اختيار الاستثمار الأمثل وفقًا لأهدافك المالية وخططك.
يمكنك بدء الاستثمار الآن من منصة استثمار أصول جاما
ما هي السندات وأذون الخزانة، وما الفرق بينهما؟
تعريف السندات:
السندات هي أوراق مالية تمثل قرضًا يقدمه المستثمرون إلى جهة إصدار السند (حكومة أو شركة أو كيان مالي)، حيث تتعهد الجهة المصدرة بسداد مبلغ معين من المال (القيمة الاسمية) في تاريخ استحقاق محدد، بالإضافة إلى دفع فوائد دورية ثابتة أو متغيرة تُعرف بالقسيمة. تُستخدم السندات لجمع رأس المال لتمويل مشاريع أو عمليات تشغيلية، وتُعتبر من أدوات الاستثمار ذات الدخل الثابت التي توفر عوائد منتظمة للمستثمرين.
تعريف أذون الخزانة:
أذون الخزانة هي أدوات دين حكومية قصيرة الأجل تصدرها الحكومات لجمع الأموال لسد العجز في الميزانية أو تمويل احتياجات نقدية مؤقتة. تتميز أذون الخزانة بأنها تُباع بخصم عن قيمتها الاسمية ولا تدفع فوائد دورية، بل يحقق المستثمر الربح عند استحقاقها عند استلام القيمة الاسمية كاملة. مدتها عادة أقل من سنة، مما يجعلها من الأدوات المالية منخفضة المخاطر.
باختصار، السندات هي أدوات دين طويلة أو متوسطة الأجل مع فوائد دورية، بينما أذون الخزانة هي أدوات دين قصيرة الأجل تُباع بخصم ولا تدفع فوائد دورية.
ما هو الفرق بين السندات وأذون الخزانة؟
يكمن الفرق بين السندات وأذون الخزانة في عدة نقاط رئيسية تتعلق بطبيعة كل منهما، وهي:
مدة الاستحقاق: أذون الخزانة هي أدوات دين حكومية قصيرة الأجل، عادة ما تكون مدتها أقل من سنة، وتتراوح بين 3 أشهر إلى 12 شهراً، وغالباً ما تكون بفترات مثل 4، 8، 13، 26، أو 52 أسبوعاً. بينما السندات هي أدوات دين طويلة الأجل، حيث تتراوح مدد استحقاقها بين سنتين إلى 30 سنة، وتشمل السندات متوسطة الأجل (2-10 سنوات) وطويلة الأجل (10-30 سنة).
الجهة المصدرة:
أذون الخزانة تصدرها الحكومات فقط لتمويل احتياجات قصيرة الأجل، بينما السندات تصدرها الحكومات، البلديات، والشركات، وتكون قابلة للتداول قانونياً.
الغرض والاستخدام:
أذون الخزانة تستخدم بشكل رئيسي لتوفير السيولة النقدية للحكومة على المدى القصير وسد عجز الموازنة. بينما السندات تستخدم لتمويل مشاريع طويلة الأجل وتكون جزءاً من استراتيجيات تمويل أكبر وأطول مدى.
السيولة وإمكانية البيع:
أذون الخزانة يمكن بيعها في السوق الثانوية قبل تاريخ الاستحقاق، لكن ذلك قد يؤثر على العائد. بينما السندات أيضًا قابلة للتداول في السوق الثانوية، لكن عادة يحتفظ المستثمرون بها حتى الاستحقاق للاستفادة من العوائد الثابتة.
باختصار، يتجلى الفرق بين السندات وأذون الخزانة في كون، أذون الخزانة هي أدوات دين حكومية قصيرة الأجل تُباع بخصم ولا تدفع فوائد دورية، وتعتبر أكثر أماناً لكنها أقل عائداً، بينما السندات هي أدوات دين طويلة الأجل تدفع فوائد دورية وعوائدها عادة أعلى لكنها تحمل مخاطر أكبر نسبياً.
تعرف علي المزيد:
مميزات وعيوب الاستثمار طويل الأجل
كيف تشتري عملات رقمية في السعودية؟
ما هو الفرق بين السندات وأذون الخزانة من حيث المخاطر والعوائد؟
لتمييز الفرق بين السندات وأذون الخزانة من حيث المخاطر والعوائد، يمكننا مناقشة كل من مخاطرهما وعوائدهما، كما يلي:
المخاطر:
أذون الخزانة تُعتبر من أقل الأدوات المالية مخاطرة لأنها مضمونة من قبل الحكومة، مما يجعلها استثمارًا آمنًا جدًا مع احتمال ضئيل للتخلف عن السداد. بينما السندات تختلف في مستوى المخاطر حسب الجهة المصدرة؛ السندات الحكومية أقل مخاطرة من سندات الشركات، لكن بشكل عام تحمل السندات مخاطر أعلى من أذون الخزانة، خصوصًا إذا كانت سندات شركات أو تصنيفها الائتماني منخفض.
العوائد:
أذون الخزانة تقدم عوائد منخفضة نسبيًا بسبب قصر مدتها وانخفاض المخاطر، فهي تُباع بخصم ولا تدفع فوائد دورية، والعائد يتحقق عند الاستحقاق، بينما السندات عادة تقدم عوائد أعلى من أذون الخزانة، خاصة السندات طويلة الأجل أو تلك الصادرة عن شركات، لأنها تعوض المستثمر عن المخاطر الأعلى بفائدة دورية ثابتة أو متغيرة.
وهكذا يظهر الفرق بين السندات وأذون الخزانة، أن الأخير هي استثمار آمن منخفض المخاطر والعائد، مناسب للمدى القصير، بينما السندات تقدم عوائد أعلى مقابل مخاطر أكبر، وتناسب المستثمرين الباحثين عن دخل ثابت على المدى المتوسط والطويل.
لماذا تعتبر أذون الخزانة أكثر استقرارًا مقارنة بالسندات؟
تعتبر أذون الخزانة أكثر استقرارًا مقارنة بالسندات ذات المخاطر الأعلى لعدة أسباب رئيسية، تتعلق بالدعم الحكومي ومدة الاستحقاق والعوائد، وهي:
- الدعم الحكومي القوي: أذون الخزانة تصدرها الحكومة، وهو ما يعني أن الحكومة تضمن سداد أصل القرض والفوائد، مما يجعل احتمال التخلف عن السداد شبه معدوم. هذا الضمان الحكومي يمنح المستثمرين ثقة عالية ويجعل أذون الخزانة استثمارًا آمنًا جدًا.
- مدة استحقاق قصيرة: أذون الخزانة عادة ما تكون قصيرة الأجل (أقل من سنة)، مما يقلل من تعرض المستثمرين لتقلبات السوق الاقتصادية والمالية، ويزيد من استقرارها مقارنة بالسندات التي قد تمتد لسنوات طويلة.
- سيولة عالية: أذون الخزانة تتمتع بسيولة كبيرة، حيث يمكن شراؤها وبيعها بسهولة في السوق الثانوية، مما يتيح للمستثمرين الوصول السريع إلى أموالهم عند الحاجة دون خسائر كبيرة.
- عوائد مضمونة وخالية من المخاطر: بالرغم من أن عوائد أذون الخزانة أقل مقارنة بالسندات ذات المخاطر الأعلى، إلا أنها توفر عوائد ثابتة ومضمونة، مما يجعلها خيارًا مفضلاً لمن يبحث عن استقرار مالي وحماية لرأس المال.
- انخفاض مخاطر السوق: بسبب قصر مدتها والدعم الحكومي، تتأثر أذون الخزانة أقل بتقلبات السوق والتغيرات الاقتصادية مقارنة بالسندات التي قد تتأثر بتغيرات أسعار الفائدة، التصنيف الائتماني للجهة المصدرة، وظروف السوق العامة.
يشكل الاستقرار أحد أهم أشكال الفرق بين السندات وأذون الخزانة، فهي توفر استقرارًا أكبر لأنها مدعومة من الحكومة، قصيرة الأجل، ذات سيولة عالية، وعوائد مضمونة مع مخاطر منخفضة جداً، مما يجعلها ملاذًا آمنًا لدى الكثير من المستثمرين في أوقات عدم اليقين الاقتصادي مقارنة بالسندات ذات المخاطر الأعلى التي تقدم عوائد أكبر لكنها تحمل احتمالات أكبر للتقلب والخسارة.
الفرق بين السندات وأذون الخزانة من حيث جهة الإصدار
إن تصنيف الجهة المصدرة يعكس قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية، فكلما كان التصنيف الائتماني أعلى، زادت ثقة المستثمرين في استقرار الجهة المصدرة وقدرتها على سداد الدين في الوقت المحدد، مما يقلل من مخاطر التخلف عن السداد.
في حالة أذون الخزانة، التي تصدرها الحكومات، عادة ما تكون ذات تصنيف ائتماني عالي جداً، خصوصاً في الدول ذات الاقتصاد المستقر، مما يجعلها من أكثر الأدوات أماناً. أما السندات، فقد تصدرها جهات مختلفة (حكومات، شركات، مؤسسات)، وتصنيفها يختلف حسب الجهة، فالسندات ذات التصنيف العالي أكثر أمانًا من تلك ذات التصنيف المنخفض التي تحمل مخاطر ائتمانية أكبر.
أيضاً فإن العائد الذي يطلبه المستثمرون يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمخاطر الجهة المصدرة؛ فكلما انخفض التصنيف الائتماني، زادت المخاطر، وبالتالي يطلب المستثمرون عوائد أعلى لتعويض هذه المخاطر. لذا أذون الخزانة ذات التصنيف العالي تقدم عوائد منخفضة نسبيًا بسبب أمانها العالي، بينما السندات ذات التصنيف المنخفض تقدم عوائد أعلى لجذب المستثمرين وتحفيزهم على تحمل مخاطر أكبر.
كما أن بعض السندات تكون مضمونة بأصول أو ضمانات معينة، مما يقلل من مخاطرها مقارنة بأذون القروض أو السندات غير المضمونة، وهذا يؤثر إيجابياً على تصنيفها ويخفض العائد المطلوب.
باختصار، التصنيف الائتماني للجهة المصدرة هو مؤشر رئيسي على مستوى الأمان والعائد: كلما ارتفع التصنيف، زاد الأمان وانخفض العائد، والعكس صحيح، وهنا لا يظهر الفرق بين السندات وأذون الخزانة، فهذا ينطبق على كلاهما على حد سواء، لكن غالباً ما تكون أذون الخزانة ذات تصنيف أعلى وأمان أكبر بسبب دعم الحكومة.
كيف تختار بين السندات وأذون الخزانة لأفضل استثمار؟
لاتخاذ أفضل اختيار استثماري بعد أن عرفت الفرق بين السندات وأذون الخزانة، وطبيعة كل منهما، إليك مجموعة نصائح على شكل دليل مبسط يساعدك في تحديد الأنسب بناءً على أهدافك المالية، مستوى المخاطرة المقبول، والمدة الزمنية للاستثمار:
أذون الخزانة
- أدوات دين حكومية قصيرة الأجل (من أيام إلى سنة).
- تُباع بخصم ولا تدفع فوائد دورية، الربح يتحقق عند الاستحقاق.
- منخفضة المخاطر جداً لأنها مضمونة من الحكومة.
- سيولة عالية وسهولة في البيع والشراء.
- عوائد منخفضة نسبياً لكنها مستقرة.
السندات
- أدوات دين متوسطة إلى طويلة الأجل (سنتين إلى 30 سنة).
- تدفع فوائد دورية (قسائم) بالإضافة إلى استرداد القيمة الاسمية عند الاستحقاق.
- تحمل مخاطر أعلى من أذون الخزانة، خصوصاً إذا كانت صادرة عن شركات أو جهات ذات تصنيف ائتماني أقل.
- عوائدها أعلى لتعويض المستثمر عن المخاطر والمدة الأطول.
ومنه إذا كنت تبحث عن استثمار آمن وقصير الأجل مع سيولة عالية، وأولوية لحماية رأس المال، فـأذون الخزانة هي الخيار الأمثل، أما إذا كنت ترغب في دخل دوري ثابت ومستعد لتحمل مخاطر متوسطة إلى مرتفعة، وتخطط للاستثمار على المدى المتوسط أو الطويل، فالسندات مناسبة أكثر.
نصائح لاختيار الاستثمار المناسب:
- قيم تحملك للمخاطر، إذا كنت محافظًا، استثمر أكثر في أذون الخزانة. إذا كنت تبحث عن عوائد أعلى ومستعد لتحمل تقلبات، وزع استثماراتك على السندات.
- حدد الأفق الزمني للاستثمارات قصيرة الأجل والسيولة السريعة، أذون الخزانة أفضل. للاستثمارات طويلة الأجل والدخل الثابت، السندات خيار مناسب.
- راقب أسعار الفائدة، لأن ارتفاع أسعار الفائدة يؤثر سلبًا على أسعار السندات، لذا يجب الانتباه لتوقيت الشراء.
- الجمع بين أذون الخزانة والسندات يوازن بين الأمان والعائد، ويوفر استقرارًا للمحفظة الاستثمارية.
باختصار، اختر أذون الخزانة إذا كنت تفضل الأمان والسيولة وقصر الأجل، واختر السندات إذا كنت تبحث عن عوائد أعلى مع استعداد لتحمل مخاطر أكبر وأفق استثماري أطول. وبصرف النظر عن الفرق بين السندات وأذون الخزانة فإن التنويع بينهما يمكن أن يكون استراتيجية فعالة لتحقيق توازن بين الأمان والعائد.
وأخيراً، سواء اخترت الاستثمار في أذون الخزانة الآمنة قصيرة الأجل أو السندات ذات العوائد الأعلى والمخاطر المتفاوتة، فإن فهم الفروق بين السندات وأذون الخزانة، هو الخطوة الأولى نحو اتخاذ قرار مالي حكيم يتناسب مع أهدافك ومستوى تحملك للمخاطر. التنويع بين هذين الخيارين يمكن أن يمنحك توازنًا مثاليًا بين الأمان والعائد، ويعزز من فرص تحقيق نمو مالي مستدام. تذكر دائمًا أن الاستثمار الناجح يبدأ بالمعرفة والتخطيط الدقيق، فكن مستعدًا لاختيار ما يناسبك ويخدم مستقبلك المالي بأفضل صورة.
يمكن قراءة المزيد من الموضوعات من مدونة أصول جاما
الأسئلة الشائعة حول الفرق بين السندات وأذون الخزانة
ما الفرق بين السندات وأذون الخزانة من حيث المدة والعائد؟
أذون الخزانة قصيرة الأجل، تتراوح بين 3 أشهر إلى 12 شهرًا، بينما السندات متوسطة إلى طويلة الأجل، تمتد من سنتين إلى 30 سنة. أذون الخزانة تقدم عائدًا منخفضًا نسبيًا لأنها مضمونة حكوميًا وتباع بخصم دون فوائد دورية، أما السندات فتدفع فوائد دورية (قسائم) وعوائدها أعلى لتعويض المخاطر والمدة الأطول.
ما هي مزايا وعيوب الاستثمار في السندات وأذون الخزانة؟
أذون الخزانة تعطي أمان عالي بفضل الضمان الحكومي، سيولة عالية، مناسبة للاستثمار قصير الأجل، عائد ثابت ومستقر. بينما السندات تعطي عوائد أعلى، توفر دخل دوري من الفوائد، مناسبة للاستثمار طويل الأجل.
لكن أذون الخزانة ذات عائد منخفض مقارنة بالسندات، لا توفر دخل دوري (فوائد). والسندات ذات مخاطر ائتمانية أعلى حسب الجهة المصدرة، تقلبات في الأسعار بسبب تغير أسعار الفائدة.
كيف يتم تداول السندات وأذون الخزانة في السوق السعودي؟
تصدر أذون الخزانة والسندات الحكومية في السوق السعودي عبر مزادات دورية تنظمها الجهات المختصة. بعدها يمكن للمستثمرين شراء وبيع هذه الأدوات في السوق الثانوية عبر الوسطاء الماليين، مما يتيح تحقيق أرباح من فروقات الأسعار أو من العوائد الدورية في حالة السندات.